لباس العداءة حبيبة يثير جدلا في تونس



أثار اللباس الرياضي للعداءة التونسية حبيبة الغريبي المتوجة بالميدالية الفضية في سباق 3000 متر موانع بالألعاب الأولمبية لندن 2012 التي تختتم بعد غد الأحد، جدلا واسعا وردود فعل محتدمة وصلت إلى حد اتهام الرياضية "بالفسق والفجور" بعد وصف ذلك اللباس بغير المحتشم.

يأتي ذلك في وقت تصاعدت فيه مخاوف مناصري التيار الحداثي والدفاع عن حقوق المرأة مما يسمونه مماطلة الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية في تحديد موقف واضح من مكتسبات المرأة وحقوقها.

وتداولت العديد من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عبارات مهينة بعد ظهور الغريبي مرتدية تبانا قصيرا يكشف أجزاء من جسدها خلال السباق، وبلغت التعليقات درجة شديدة من الشتم والسب وصلت حد تكفيرها ووصفها بالفاجرة.


تكفير ومقاطعة
وطالبت مجموعات على فيسبوك يشاع أنها محسوبة على التيار السلفي في تونس بمقاطعة هذه العداءة والدعوة إلى سحب الجنسية منها، معتبرين أنها لا تشرف المرأة التونسية المسلمة، في حين رأى آخرون أنها شرفت بلدها ودخلت تاريخه من أوسع الأبواب باعتبارها صاحبة أول ميدالية في تاريخ مشاركات المرأة التونسية في الأولمبياد.

وبدأت القضية تكبر مثل كرة الثلج إلى أن تحولت إلى قضية سياسية ومحل نزاع بين أطراف علمانية ومعتدلة تريد منح المرأة حقها في اللباس والتعبير وممارسة الرياضة وبين أطراف إسلامية "متشددة" رأت في لباس الغريبي مسا بمبادئ المرأة المسلمة المحتشمة.

وقالت الناشطة السياسية والأمينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي إن تتويج حبيبة فخر لكل التونسيين وللمرأة التونسية والعربية، معتبرة الهجمة التي تعرضت لها تبقى هامشية ولا تمثل سوى فئة ضيقة تحاول قمع حقوق المرأة وحرياتها.

وأضافت الجريبي، وهي نائبة بالمجلس التأسيسي المكلف بإعداد دستور جديد للبلاد، أن "الجدل القائم حول لباس الغريبي محاولة لقمع حقوق المرأة وحلقة من حلقات الصراع بين من يريد دعم حقوقها في كتابة الدستور وبين من يريد العودة بها خطوات إلى الوراء."

وطالبت في حديثها للجزيرة نت بوضع حد لتوظيف لباس الغريبي لأغراض سياسية وتحويله إلى صراع بين العلمانيين والإسلاميين، مؤكدة ضرورة "الابتعاد عن التجاذبات الدينية وتحويل الأمر إلى قضية سياسية في هذا الوقت بالذات".


شأن شخصي
من جهتها اعتبرت إيمان بن محمد النائبة عن حزب حركة النهضة ذي الأغلبية بالمجلس أن حبيبة شرفت كل التونسيين بإحرازها الميدالية الفضية ونالت الإعجاب والتقدير عندما أهدت تتويجها للمرأة العربية والفلسطينية على وجه الخصوص.

وقالت بن محمد للجزيرة نت إن "التتويج فخر للتونسيين على اختلاف أطيافهم السياسية وانتماءاتهم سواء كانوا علمانيين أم إسلاميين، أما الجدل الدائر حول اللباس فهو مجرد مزايدات لا طائل من ورائها ويبقى شأنا شخصيا يهمها هي فقط".

ونفت النائبة أن تكون الأطراف التي شنت حملة انتقاد وشتم وتكفير ضد الغريبي تنتمي لحركة النهضة، مشيرة إلى أنها تبقى آراء معزولة لا تهم إلا عددا محدودا من التونسيين.

وأعادت هذه القضية إلى الأذهان قضية الحجاب بالمسابقات الرياضية الدولية، فقد شاركت رياضيات عربيات بأولمبياد لندن بلباس إسلامي محتشم على غرار العداءة الفلسطينية ورود صوالحة والعداءة السعودية سارة العطار ولاعبة الجودو السعودية وجدان شهرخاني التي كادت تمنع من المشاركة بسبب تمسكها بارتداء الحجاب.