أن تكون شابا مقبلا على الزواج و تبحث عن صبية جميلة، متعلمة وغير متطلبة، أو ممن يتقبلن العيش في أسر مركبة.."إلى حين ميسرة"، كل ذلك يمكن إدراجه ضمن العادات المألوفة عندما يقرر أبناء الفقراء البحث عن شريكة الحياة ، لكن أن تكون تلك ظاهرة في كثير من الطبقات فذلك حصري في غزة المحاصرة، فقط !..
شبان كثيرون اتجهوا لجمعيات تعلن عن نشاطها في وسائل الاعلام تؤكد استعدادها لتزويد العريس بغرفة النوم والصالة وحتى الغذاء مقابل مبلغ مالي يتم تقسطيه.
الشاب محمد، كان من بين الشباب الذين وجدوا ضالتهم في أحد المؤسسات التي تقدم مشروع الزواج بالتقسيط حيث تتخلق من الحصار عادات حياة جديدة وغير مألوفة، لم يركن في بحثه عن الفتاة الملائمة كشريكة حياة إلى المؤسسات المنتشرة التي تعنى بتيسير الزيجات و "جمع الرؤوس بالحلال"، فقد لجأ تقبله كما هو – بفقره وضنك وحلمه بـ"العيش الهنيء على خبزة وبندورة".
وقال محمد وهو في صيفه العشرون وذو ملامح قد تكون جاذبة للكثيرات من الحالمات بـ"الرجال الوسيمين" أنه وحيد "أجمل الأمهات" بعد استشهاد شقيقه الثاني برصاص الإحتلال متأثراً بجراح أصيب بها خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة ( بفعل القنابل الفسفورية التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية على الحي حيث تقيم العائلة ) قال أنه يعمل، هذه الأيام آذنا في أحد المساجد براتب لا يتعدى 100 دولار شهريا ولا يتحصل عليها بانتظام.. فيما أنتهى بحثه منذ عام عن عروسة تقبل مشاركته ظروفه بـ "مساعدة" من أحد رجال الإصلاح، حيث ابلغه الأخير من عائلة إحدى الفتيات بقبوله شريكا لإبنتها ؛ شريطة أن يدفع المهر البالغة قيمته ألفا دينار أردني بـِ "التقسيط"، على أن يتمم الزواج فعليا بعد القسط الأخير من المهر .
في الإطار، أشار الشاب حامد والبالغ من العمر 23 عاما والذي يعيش بكلية وحيدة بعد أن تبرع بكليته الثانية لأحد أشقائه قبل استشهاده، أن مؤسسات تيسير الزواج في قطاع غزة تقدم مساعداتها العينية للشبان الذين يحوزون عقودا للزواج مقابل تسديد قرض الزواج خلال عامين وبعد توفير الكفلاء، فيما يأمل هو في العثور على جمعيات أو أشخاص من أهل الخير للمساعدة في توفير مبلغ من المال لإكمال المهر الذي يتعذر عليه جراء وضعه الصحي وظروفه المعيشية الصعبة.
وفي لقاء لـ"معا" أكد مدير مؤسسة أكورد لتسيير الزواج، لؤي احمد أن المؤسسة تعمل في القضايا التي تمس عدم قدرة الشاب الغزي على توفير وتلبية متطلبات الزواج حيث تستهدف جميع الفئات العمرية من خلال توفير جميع مستلزمات الفرح بحدود مبلغ 3000 دينار النصف الأول تتبرع به المؤسسة له والنصف الأخر يقوم بتسديده وبالتقسيط نظرا للظروف الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة.
وتقول هالة الكيلاني ( 24) عاما من مدينة غزة " الزواج بالتقسيط ليس غريبا بل هو ظاهرة فرضت نفسها في ظل ظروف صعبة يعيشها الشعب الفلسطيني وهذه ظاهرة سرعان ما ستزول ويعود الوضع إلى ما كان علية بمجرد أن تهدأ الأوضاع في الأراضي الفلسطنينة .
وتضيف الكيلاني " لن أرفض أي شاب يتقدم لي لمجرد أنه يريد تقسيط المهر هذا ليس عيبا فكثير من الشباب في مجتمعنا يعملون في وظائف لا تدر عليهم دخلا كبيرا فهو يعمل سنتين أو ثلاث حتى يستطيع أن يدخر جزء من المهر لذا يجب على كل ولي أمر فتاة أن لا ينظر إلى المهر فقط بل إلي الشاب نفسه وأخلاقه وتربيته وثقافته لأن المهر سيصله في كل الأحوال مهما كان الشاب خلوقا أو سيئا.
و يبقى السؤال إلى متى ستظل معاناة الشعب الفلسطيني من جراء الوضع الذي فرضته عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي تخلق العديد من المشاكل التي لا قبل له بها فالوضع الاقتصادي المتردي للشريحة الكبرى من الشعب الفلسطيني تفرض عليه القيام بأمور ربما تعد لدى البعض نوع جديد من الغرائب .