في هذا المكان نودع أماكن السياحة التقليدية .. نستعد لمواجهة المخاطر ونحبس الأنفاس استعدادا للقفز داخله .. ولعل اسم هذا المكان كفيل بإدخال الرعب للقلوب، حيث اكتنفه الغموض لسنوات طويلة .. هو كهف مجلس الجن الواقع عند الحد الشمالي من هضبة سلمى بالقرب من قرية فنس بولاية قريات والواقعة على طريق قرية ضباب التابعة لولاية صور بالمنطقة الشرقية.
عفاريت الكهف
وترددت الكثير من الأساطير عن اتخاذ الجن هذا الكهف مجلسا خاصا بهم، وهو ما سببه الضوء المتسلل من تجويف في سقف الكهف إلى الحائط الأيمن عاكسا بذلك ظلال متحركة، جعلت السكان يعتقدون بوجود عفاريت من الجن فيه.
ويعد كهف مجلس الجن من أعظم العجائب الطبيعية، حيث صُنف كأضخم كهف أثري في العالم العربي وثاني أضخم كهف جوفي في العالم.
ويبلغ طول الكهف 340 مترا وعرضه 228 مترا وارتفاعه 120 مترا. ويتخذ الكهف شكلا دائريا، ويتسع لاستيعاب 10 طائرات جامبو، حيث تبلغ مساحته 58 ألف مترا مربعا.
مهمة صعبة
ويحتاج الوصول إلى قمة الكهف جهدا كبيرا حيث يتعين قطع مسافة 1300 متر من الدروب الجبلية الوعرة في حوالي خمس ساعات تقريباً أو عن طريق الطائرات العمودية. كما أن النزول إلى الكهف والصعود منه يتطلبان مستوى كبير من المهارة والتدريب، حيث لا يمكن النزول إليه إلا بالحبال.
يذكر أن جدران الكهف تتكون من الحجر الجيري تتخللها بعض المجاري المائية المكونة من الرمال والحصى. وقد تبين من الفحوصات المختبرية أن أرضية الكهف عبارة عن بحيرة عميقة جافة.
وعندما يتعرض الكهف للفيضان خاصة بعد حدوث عواصف مطيرة تندفع المياه داخله من الثقوب الجدرانية والسقفية. وبسبب انخفاض الحرارة داخله إلى ما دون 18 درجة، يظل قاع البحيرة موحلا لعدة أسابيع بعد جفافها، إضافة إلى تكون طبقات أخرى من البقايا الحيوانية والنباتية التي تحملها المياه لتترسب عند أرضية الكهف.
قهر الخوف
وبالصدفة تم اكتشاف كهف "مجلس الجن "أثناء تنفيذ برنامج للهيئة العامة لموارد المياه، وكان أول من هبط داخل الكهف الضخم هو أحد خبراء الهيئة وهو"دون ديفيسون" في عام 1983م، عبر الفتحة التي يبلغ عمقها 120 متراً، والتي تعتبر أقصر فتحه من الفتحات الثلاث، ثم جاءت زوجته "شيريل جونز" في العام التالي 1984م لتهبط من أعمق فتحه ويبلغ عمقها 158 متراً فسميت باسمها منذ ذلك الحين، ثم جاء "دون جونز" بعد ذلك ليهبط من الفتحة الثالثة في عام 1985م.
وقد قدر الجيولوجيون عمر كهف "مجلس الجن" أو "كهف سلمى" كما يحلو للبعض تسميته نسبة إلى المنطقة التي فيها بخمسين مليون سنة.
وتشجع طبيعة الكهف عشاق المغامرات، حيث أدى المغامر فيليكس بومغارتنر في فبراير 2007، قفزة ناجحة غير مسبوقة محفوفة بالمخاطر لقلب الكهف.
وقفز الرياضي النمساوي بعد ست ثواني في قعر الكهف وعلت الهتافات حيث تجمهر عدد من سكان الجبال ليشهدوا هذا الإنجاز الغير مسبوق.
ولم تكن مهمة فيليكس سهلة إذ إن التحدي الرئيسي لم يكن في القفزة فحسب بل في كيفية تنفيذها، فالهاجس الأكبر كان التوقيت المناسب لفتح المظلة كي يتمكن من تغيير اتجاهه نظراً، لكون الكهف معكوف.