القاهرة - بعد موسم حصاد الارز في فصل الخريف من كل عام يتنفس المصريون نفسا عميقا ويستعدون لاستقبال "السحابة السوداء" وهي طبقة سميكة من الدخان الناجم عن احراق قش الارز تخيم على القاهرة ودلتا النيل لعدة أسابيع.
وينحي معنيون بشؤون البيئة باللائمة على احراق "المخلفات" الزراعية وأغلبها من قش الارز في سحابة الدخان التي تزيد هواء العاصمة الملوث بالفعل تلوثا.
وينتج المزارعون المصريون نحو 30 مليون طن مما يعتبرونها مخلفات كل عام. ويقول خبراء البيئة ان ما يحرقونه مسؤول عن 42 في المئة من تلوث الهواء في فصل الخريف.
ويقول خبراء ان قش الارز له استخدامات عديدة.
ويكمن التحدي الذي يواجه مصر التي تسعى جاهدة لاحياء اقتصادها الذي تضرر بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في تطوير تقنيات منخفضة التكاليف لتحويل القش الى لباب الورق وسماد وكربون نشط او مركبات بلاستيك واقناع المزارعين بعدم احراقه.
وقال جلال نوار رئيس شعبة البحوث الكيميائية بالمركز القومي للبحوث ان الدول المتقدمة ليس لديها هذا التعبير في قاموسها اذ لا توجد لديها مخلفات فهي تستخدم كل ما تنتجه.
ويقول نوار وغيره من العلماء والمعنيين بشؤون البيئة المصريين ان المزارعين الذين يحرقون قش الارز يهدرون سلعة يمكن أن يدر كل طن منها على مصر 300 جنيه مصري (50.25 دولار).
لكن في دولة تعتمد فيها الكثير من المزارع على ملكيات محدودة وتقنيات للزراعة لم تتغير كثيرا منذ عقود او حتى قرون يحرق المزارعون نحو أربعة ملايين طن من قش الارز في كل موسم مما يؤدي الى انبعاث 80 الف طن من ثاني اوكسيد الكربون.
ويظهر اكبر أثر في القاهرة التي هي واحدة من اكثر مدن العالم تلوثا ويبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة.
وتقع عاصمة اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان على نهر النيل المحاط باراض مرتفعة على جانبيه. نتيجة لهذا تحاصر الملوثات في طبقة تعلق في الجو على ارتفاع 25 مترا فقط من الارض.
ولا يدرك المزارعون الحريصون على التخلص من القش لافساح الاراضي لمحاصيل الشتاء قيمته.
وقال محمد صباح وهو مزارع من كفر الشيخ في دلتا النيل يزرع نحو 70 فدانا من الارز كل عام "احراق قش الارز ليس في صالحنا ايضا لكنني مضطر لاحراقه لا يوجد حل اخر."
واستخدم علماء مصريون قش الارز في مشاريع تجريبية لانتاج مواد متنوعة بدءا من لباب الورق وانتهاء بالكربون النشط لاستخدامه في أجهزة تنقية المياه.
وحاولت وزارة البيئة احتواء مشكلة التلوث على مدى العقد المنصرم من خلال جمع قش الارز من بعض المزارع مقابل 45 جنيها للطن. وفي العام الحالي تعاقدت مع شركة حكومية وشركتين من القطاع الخاص لجمع قش الارز وضغطه في أجولة.
لكن الكثير من صغار المزارعين أشعلوا النيران في القش كالعادة.
وقال مصطفى السلطيسي الذي يملك مضربا للارز في كفر الشيخ "تحيط حقول الارز بالمضرب الخاص بنا ومازال معظم المزارعين يحرقون قش الارز.
"كان هناك اعلان في الجريدة منذ بضعة ايام عن شركة تقول انها ستجمع قش الارز لكن هذا شيء جديد للغاية."
ويستخدم اغلب قش الارز الذي يتم جمعه لانتاج اسمدة. لكن منتقدين يقولون انه لا يمكن أن يستمر هذا لان ضغط القش ووضعه في أجولة تكلفته اعلى من الاسمدة التي تنتج.
ويقول عمرو هلال عضو الغرفة المصرية للصناعة والهندسة ان كل طنين من قش الارز يصنعان طنا من السماد تقريبا مما يجعل تكلفة الطن 300 جنيه.
لكن طن السماد يباع بنحو 150 جنيها.
وتقدم الحكومة دعما قدره 90 جنيها لكل طن من قش الارز تجمعه الشركات وتضغطه.
وقال هلال المشارك في عدة مشاريع للتعامل مع مشكلة مخلفات الارز انه لا يمكن بناء الصناعات على الدعم لانه اذا ألغي الدعم ستنهار الصناعة.
وفي أحد المشاريع التي يمولها الاتحاد الاوروبي درس هلال وشركاؤه في البحث تحويل قش الارز الى كربون نشط ومركبات بلاستيك من الالياف الطبيعية ولهما استخدامات صناعية محتملة مربحة.
ويستخدم الكربون النشط في معالجة المياه وتنقية السكر وصناعات الطلاء. اما مركبات البلاستيك من الالياف الطبيعية فتستعمل في صناعة الاثاث والسلع الاستهلاكية.
وقال هلال ان اجمالي سوق الكربون النشط في مصر ربما يتراوح بين خمسة وعشرة الاف طن متري وانه لا يوجد مصنع واحد في الشرق الاوسط ينتج هذه المادة.
ويباع طن الكربون النشط المستورد من الصين بنحو 1500 دولار. ويمكن استخدام طن من قش الارز لانتاج نحو نصف طن من الكربون النشط.
وقال هلال ان هذا المشروع سيدر اموالا جيدة جدا.
وأنهى المشروع وهو جهد مشترك بين المركز القومي للبحوث والمعهد الالماني لتكنولوجيا البوليمرات وجامعة هنري بوانكاري نانسي الفرنسية مرحلة تجريبية. وتدرس شركة هلال التي تحمل اسم شركة قها للمشروعات البيئية الزراعية الخيارات المتاحة لتحويلها الى صناعة.
وقال هلال ان الصعوبة لا تكمن في المال لانه يستطيع العثور على تمويل وانما تكمن في التكنولوجيا والمعرفة.
وينتج مشروع اخر لباب الورق من قش الارز ويتميز بأنه لا يخلف الملوثات التي تنجم عن العمليات الاخرى. وتم الحصول على براءة الاختراع للتقنية الجديدة وسيبدأ العمل بها في يناير كانون الثاني.
وقال نوار الذي قاد مشروعا بحثيا بتمويل من الاتحاد الاوروبي ينتج نحو خمسة أطنان من لباب الورق من قش الارز يوميا ان هذه التكنولوجيا الجديدة لا تنتج اي مخلفات.
وأضاف أنه خلال المشروع التجريبي أرسل لباب الورق الى شركات اجنبية وأن شركة بلجيكية رأت المنتج وانبهرت به وقالت انها مستعدة لشراء كل انتاج مصر.
وبلغت تكلفة الوحدة التجريبية ثلاثة ملايين جنبيه لكن نوار يقول ان تكلفة الوحدات الجديدة لن تتجاوز 1.5 مليون جنيه تقريبا.
وقال نوار ان المشروع سيوفر نحو عشرة الاف فرصة عمل اذا أنشئت عدة وحدات لان الوحدة يعمل بها عشرة اشخاص تقريبا كما ستكون هناك حاجة الى معالجة ثلاثة ملايين طن لتلبية الطلب على لباب الورق.
وأضاف أنه يمكن القضاء على السحابة السوداء تماما.
وتحتاج مصر الى نحو 100 الف طن من لباب الورق كل عام.
وتنفيذ هذه المشاريع في ظل اضطراب الاوضاع الاقتصادية ليس مهمة سهلة. وأقلقت الاطاحة بمبارك المستثمرين. ويركز المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر على مشاكل ملحة مثل موجة من الاضرابات والانتقال الى الحكم المدني.
ويثق هلال في مشاريعه ويقول ان اكثر الاستثمارات ادرارا للربح هي الاستثمار في العلوم.
وينحي معنيون بشؤون البيئة باللائمة على احراق "المخلفات" الزراعية وأغلبها من قش الارز في سحابة الدخان التي تزيد هواء العاصمة الملوث بالفعل تلوثا.
وينتج المزارعون المصريون نحو 30 مليون طن مما يعتبرونها مخلفات كل عام. ويقول خبراء البيئة ان ما يحرقونه مسؤول عن 42 في المئة من تلوث الهواء في فصل الخريف.
ويقول خبراء ان قش الارز له استخدامات عديدة.
ويكمن التحدي الذي يواجه مصر التي تسعى جاهدة لاحياء اقتصادها الذي تضرر بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في تطوير تقنيات منخفضة التكاليف لتحويل القش الى لباب الورق وسماد وكربون نشط او مركبات بلاستيك واقناع المزارعين بعدم احراقه.
وقال جلال نوار رئيس شعبة البحوث الكيميائية بالمركز القومي للبحوث ان الدول المتقدمة ليس لديها هذا التعبير في قاموسها اذ لا توجد لديها مخلفات فهي تستخدم كل ما تنتجه.
ويقول نوار وغيره من العلماء والمعنيين بشؤون البيئة المصريين ان المزارعين الذين يحرقون قش الارز يهدرون سلعة يمكن أن يدر كل طن منها على مصر 300 جنيه مصري (50.25 دولار).
لكن في دولة تعتمد فيها الكثير من المزارع على ملكيات محدودة وتقنيات للزراعة لم تتغير كثيرا منذ عقود او حتى قرون يحرق المزارعون نحو أربعة ملايين طن من قش الارز في كل موسم مما يؤدي الى انبعاث 80 الف طن من ثاني اوكسيد الكربون.
ويظهر اكبر أثر في القاهرة التي هي واحدة من اكثر مدن العالم تلوثا ويبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة.
وتقع عاصمة اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان على نهر النيل المحاط باراض مرتفعة على جانبيه. نتيجة لهذا تحاصر الملوثات في طبقة تعلق في الجو على ارتفاع 25 مترا فقط من الارض.
ولا يدرك المزارعون الحريصون على التخلص من القش لافساح الاراضي لمحاصيل الشتاء قيمته.
وقال محمد صباح وهو مزارع من كفر الشيخ في دلتا النيل يزرع نحو 70 فدانا من الارز كل عام "احراق قش الارز ليس في صالحنا ايضا لكنني مضطر لاحراقه لا يوجد حل اخر."
واستخدم علماء مصريون قش الارز في مشاريع تجريبية لانتاج مواد متنوعة بدءا من لباب الورق وانتهاء بالكربون النشط لاستخدامه في أجهزة تنقية المياه.
وحاولت وزارة البيئة احتواء مشكلة التلوث على مدى العقد المنصرم من خلال جمع قش الارز من بعض المزارع مقابل 45 جنيها للطن. وفي العام الحالي تعاقدت مع شركة حكومية وشركتين من القطاع الخاص لجمع قش الارز وضغطه في أجولة.
لكن الكثير من صغار المزارعين أشعلوا النيران في القش كالعادة.
وقال مصطفى السلطيسي الذي يملك مضربا للارز في كفر الشيخ "تحيط حقول الارز بالمضرب الخاص بنا ومازال معظم المزارعين يحرقون قش الارز.
"كان هناك اعلان في الجريدة منذ بضعة ايام عن شركة تقول انها ستجمع قش الارز لكن هذا شيء جديد للغاية."
ويستخدم اغلب قش الارز الذي يتم جمعه لانتاج اسمدة. لكن منتقدين يقولون انه لا يمكن أن يستمر هذا لان ضغط القش ووضعه في أجولة تكلفته اعلى من الاسمدة التي تنتج.
ويقول عمرو هلال عضو الغرفة المصرية للصناعة والهندسة ان كل طنين من قش الارز يصنعان طنا من السماد تقريبا مما يجعل تكلفة الطن 300 جنيه.
لكن طن السماد يباع بنحو 150 جنيها.
وتقدم الحكومة دعما قدره 90 جنيها لكل طن من قش الارز تجمعه الشركات وتضغطه.
وقال هلال المشارك في عدة مشاريع للتعامل مع مشكلة مخلفات الارز انه لا يمكن بناء الصناعات على الدعم لانه اذا ألغي الدعم ستنهار الصناعة.
وفي أحد المشاريع التي يمولها الاتحاد الاوروبي درس هلال وشركاؤه في البحث تحويل قش الارز الى كربون نشط ومركبات بلاستيك من الالياف الطبيعية ولهما استخدامات صناعية محتملة مربحة.
ويستخدم الكربون النشط في معالجة المياه وتنقية السكر وصناعات الطلاء. اما مركبات البلاستيك من الالياف الطبيعية فتستعمل في صناعة الاثاث والسلع الاستهلاكية.
وقال هلال ان اجمالي سوق الكربون النشط في مصر ربما يتراوح بين خمسة وعشرة الاف طن متري وانه لا يوجد مصنع واحد في الشرق الاوسط ينتج هذه المادة.
ويباع طن الكربون النشط المستورد من الصين بنحو 1500 دولار. ويمكن استخدام طن من قش الارز لانتاج نحو نصف طن من الكربون النشط.
وقال هلال ان هذا المشروع سيدر اموالا جيدة جدا.
وأنهى المشروع وهو جهد مشترك بين المركز القومي للبحوث والمعهد الالماني لتكنولوجيا البوليمرات وجامعة هنري بوانكاري نانسي الفرنسية مرحلة تجريبية. وتدرس شركة هلال التي تحمل اسم شركة قها للمشروعات البيئية الزراعية الخيارات المتاحة لتحويلها الى صناعة.
وقال هلال ان الصعوبة لا تكمن في المال لانه يستطيع العثور على تمويل وانما تكمن في التكنولوجيا والمعرفة.
وينتج مشروع اخر لباب الورق من قش الارز ويتميز بأنه لا يخلف الملوثات التي تنجم عن العمليات الاخرى. وتم الحصول على براءة الاختراع للتقنية الجديدة وسيبدأ العمل بها في يناير كانون الثاني.
وقال نوار الذي قاد مشروعا بحثيا بتمويل من الاتحاد الاوروبي ينتج نحو خمسة أطنان من لباب الورق من قش الارز يوميا ان هذه التكنولوجيا الجديدة لا تنتج اي مخلفات.
وأضاف أنه خلال المشروع التجريبي أرسل لباب الورق الى شركات اجنبية وأن شركة بلجيكية رأت المنتج وانبهرت به وقالت انها مستعدة لشراء كل انتاج مصر.
وبلغت تكلفة الوحدة التجريبية ثلاثة ملايين جنبيه لكن نوار يقول ان تكلفة الوحدات الجديدة لن تتجاوز 1.5 مليون جنيه تقريبا.
وقال نوار ان المشروع سيوفر نحو عشرة الاف فرصة عمل اذا أنشئت عدة وحدات لان الوحدة يعمل بها عشرة اشخاص تقريبا كما ستكون هناك حاجة الى معالجة ثلاثة ملايين طن لتلبية الطلب على لباب الورق.
وأضاف أنه يمكن القضاء على السحابة السوداء تماما.
وتحتاج مصر الى نحو 100 الف طن من لباب الورق كل عام.
وتنفيذ هذه المشاريع في ظل اضطراب الاوضاع الاقتصادية ليس مهمة سهلة. وأقلقت الاطاحة بمبارك المستثمرين. ويركز المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر على مشاكل ملحة مثل موجة من الاضرابات والانتقال الى الحكم المدني.
ويثق هلال في مشاريعه ويقول ان اكثر الاستثمارات ادرارا للربح هي الاستثمار في العلوم.